يشارك عدد كبير من الطلاب القطريين في برامج تأهيلية بعد انتهاء المرحلة الثانوية أو في السنة الأولى من دراساتهم الجامعية، وتساعد هذه البرامج، التي تعرف باسم البرامج التأسيسية أو التحضيرية للحياة الجامعية، الطلاب على تحصيل الكفاءات اللازمة للدراسة الجامعية من حيث تحقيق متطلبات القبول واختيار التخصصات، ويتعلم الطلاب في تلك البرامج المهارات التي تساعدهم في الحصول على أعلى الدرجات في اختبار اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية (TOEFL) ونظام تقييم اللغة الإنجليزية الدولي (IELTS) التي غالباً ما تشترط في عملية القبول، كما أنها تساعد الطلاب على التدرج على نحو أفضل من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية (ناصر، 2012، ص 43).
ووفقاً لدراسة ناصر(2012)، فقد انتقد عدد كبير من الطلاب وأولياء الأمور القطريين البرامج لأنها تستغرق وقتاً طويلاً وأنها أكثر ملائمة للتعليم الثانوي، وفي الوقت نفسه، أعرب الطلاب عن مخاوفهم من طول البرنامج الذي يستغرق سنة أو سنتين من حياة الطلاب الذين لم يدخلوا الجامعة، وهو ما يجعلهم يحصلون على درجاتهم الجامعية في غضون 5-6 سنوات، وقال ناصر (2102) أن البرامج التأسيسية تشكل أعباءً مالية على الحكومة ولعله من الأفضل دمجها في المرحلة الثانوية للطلاب قبل تسجيلهم في الجامعات، كما توصل ناصر (2012) إلى أن الطلاب الذين يكملون البرامج تزيد احتمالات قبولهم في الجامعات وحصولهم على درجاتها، ومع ذلك، يفضل إعداد الطلاب مبكراً في المرحلة الثانوية خفضاً للتكاليف وتوفيراً للوقت، ولا شك أن ناصر (2012) أجرى دراسته على الطلاب القطريين الذين حضروا البرامج التحضيرية في الجامعات في قطر وحدهم دون غيرهم، الأمر الذي أثار المخاوف بشأن طلاب المدارس الثانوية القطريين الآخرين الذين قرروا الدراسة في الخارج أو من فاتتهم فرصة الإعداد للجامعة، وفي مقابل ذلك، فإن تصميم منهج للتخطيط المهني يمكن تطبيقه على جميع طلاب المدارس الثانوية في قطر سيكفل على نحو أفضل تهيئة الطلاب قبل انتقالهم إلى الدراسة الجامعية في الداخل أو في الخارج.
يقدم التخطيط المهني في أشكال مختلفة عبر التدخلات الإرشادية للطلاب، بما في ذلك مناهج التخطيط المهني المهيكلة (أورندورف وهير، 1996)، وقد درس العديد من الباحثين التأثيرات الإيجابية لتدخلات التخطيط المهني على طلاب الجامعات وطلاب الثانوية (براون وسينامون ، 2015؛ ناصر، 2102؛ أورندورف وهير، 1996؛ صالح وعبد الله ومحمود وجافيفكر وإسحاق، 2013)، وتتضمن تلك المناهج عدة مزايا منها تحسين مستوى اتخاذ القرارات المهنية ورفع مستوى الأداء الأكاديمي وتحسين الانخراط في المدرسة (شايفر وريفيرا، 2012)، وقد درس صالح وآخرون (2013) فعالية برنامج تدخل مهيكل لمدة أسبوعين يعنى بالتخطيط المهني للطلاب الذين يواجهون تحديات أكاديمية في المدارس الثانوية الماليزية وتوصلوا إلى أن برامج التخطيط المهني المهيكلة أكثر فعالية من البرامج غير المهيكلة، وقد أبدى الطلاب الذين شاركوا في البرنامج تحسناً كبيراً في مهارات التعلم الأكاديمي ومهارات التخطيط المهني والتحمس للتعلم الأكاديمي بالمقارنة مع أولئك الذين لم يشاركوا (صالح وآخرون، 2013). وأكد العمادي وآخرون (2013) وتشيما (2014) أن الطلاب القطريين يفتقرون إلى الرغبة في التعليم المدرسي والتعلم الأكاديمي، وقد يستفيد هؤلاء الطلاب من تدخلات التخطيط المهني المهيكلة التي تحسن مهاراتهم في التخطيط المهني وتزيد من رغبتهم في الدراسة.
وفي سياق دراسة الخصائص المرتبطة بتطور الكفاءة الذاتية لدى الطلاب والنتائج المتوقعة في اختيار التخصصات في المدرسة الثانوية، كشف براون وسينامون (2015) أن القرارات الأكاديمية لطلاب المدارس الثانوية لا تمثل بالضرورة تفضيلاتهم الأكاديمية المستقبلية، فضلاً عن أن العديد من الطلاب يغيرون اهتماماتهم الأكاديمية خلال المرحلة الثانوية، ومع ذلك فقد أشارت النتائج أيضاً إلى أن طلاب المدارس الثانوية الذين ينخرطون في الأنشطة المهنية التي تتيح لهم صقل مهاراتهم واهتماماتهم من المرجح أن يكونوا أكثر ثقة في اختياراتهم للتخصصات، وهو ما يؤدى بدوره إلى ارتفاع النتائج المتوقعة والدافعية (براون وسينامون، 2015)، وبالنظر إلى النتائج التي توصل لها العمادي وآخرون (2013)، والأمانة العامة للتخطيط التنموي بدولة قطر (2011) وستاس وإيدي ومارتوريل ومعهد راند-قطر للسياسات (2007) والتي كشفت أن التحدي الرئيسي الذي يواجه الطلاب القطريين هو انعدام مهارات صنع القرار المهني، فإن أنشطة المشاركة المهنية من شأنها أن تزيد من قدرة الطلاب وثقتهم في اختيار تخصصاتهم.
وقد ناقش نايلز وهاريس بولسبي (2013) الخطوات اللازمة لتصميم وتنفيذ برنامج تخطيط مهني، بما في ذلك تحديد خصائص الفئات المستهدفة واحتياجاتها ووضع أهداف قابلة للقياس وتحديد كيفية تقديم خدمات التخطيط المهني، ومن الطرق الفعالة لتقديم الخدمات لطلاب المدارس الثانوية تنظيم فصول تتناول الموضوعات المتعلقة بالمهن في مناهجهم الدراسية وتدريب المعليمن على ذلك، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للمرشدين دعوة ممثلي شركات للتحدث مع الطلاب في الفصول عن البيئات في أماكن عملهم أو إقامة ورش عمل للطلاب بخصوص اتخاذ القرارات المتعلقة بالمهن.
ومن الواضح أن مناهج التخطيط المهني المهيكلة قد تسهم في تلبية الخدمات المدرسية لاحتياجات طلاب المدارس الثانوية وتتيح إدماج كيانات خارجية مثل أصحاب الأعمال والمنظمات المجتمعية والوالدين.