التربية قبل التكنولوجيا… الطريق إلى تعلم فعال

التقنية الناشئة وتكنولوجيا التعليم August 23, 2017

يبدو أن هناك نزوعا في كثير من الحالات لخفض سقف التوقعات فيما يتعلق بموضوع إدماج التكنولوجيا والتقنيات. كنت قد طلبت مؤخرا من الحاضرين في عرض تقديمي عن «أسس التربية الرقمية من أجل عملية تعلم أكثر عمقا» أن يناقشوا فيما بينهم موضوع إدماج التكنولوجيا والأدوات التقنية في فصولهم ومدارسهم وحتى في أحيائهم ثم تقاسم خبراتهم بشأن فعالية هذا الإدماج، وقد شددنا على أهمية الوصف التفصيلي عما يعنيه لهم التوظيف الفعال للتكنولوجيا.  وعندما بدأت تردنا إجاباتهم وجدنا أن عددا قليلا منها اتسم بالاتساق والانسجام مع الموضوع المطروح. معظم الحاضرين أفادوا بوضوح أن مدارسهم وفصولهم لا تدمج التكنولوجيا بشكل فعال، بينما اعترف آخرون أنهم لم يفهموا بالضبط معنى التوظيف الفعال. فيما ركز ما تبقى من إجابات على سرد  قائمة بالأدوات المستخدمة في قياس الفعالية.       

إن السؤال عن الاستخدام الفعال يوفر لنا جميعا فرصة عظيمة للتفكير بشكل نقدي في الدور الحالي الذي تلعبه التكنولوجيا في العملية التعليمية. كما أن هناك إمكانات عظيمة منتظرة من الأدوات العديدة المتاحة الآن لدعم التعلم أو تعزيزه، ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا كيفية استخدامها. لنأخذ «كاهوت» [أداة تعليمية مجانية على الويب قائمة على تعزيز مفهوم اللعب – أسرة التحرير] على سبيل المثال، تستخدم هذه الأداة في العديد من الفصول الدراسية في جميع أنحاء العالم لتجعل الطلاب أكثر انخراطا في العملية التعليمية وتضيف بعضا من المرح والإثارة إلى عملية التعلم. ومع ذلك، فإن الأسئلة الموجهة للطلاب في «كاهوت» تركز معظم الوقت على الوظائف الإدراكية الدنيا وأغلبها يأتي في شكل اختيارات متعددة. ولأكون صريحة، أنا ليس لدي أي شيء ضد «كاهوت» بل أعتقد أنه أداة عظيمة وواعدة. لكن مشكلتي تكمن في كيفية استخدام هذه الأداة وغيرها من الأدوات الكثيرة المشابهة في الفصول الدراسية.

وهنا يقع عبء المسؤولية على عاتق المدرسين والإداريين على السواء. في العديد من الحالات، يتم التركيز غالبا على عامل الالتزام أكثر مما على نتائج التعلم وعلى حقيقة أن التحسن يتوازى مع المعايير. بيد أني أدركت أن هذا العامل ليس كل شيء، ولكنه مع ذلك مهم. وغني عن القول إن الإدماج الفعال للتكنولوجيا ينبغي أن يضيف للعملية التعليمية ويقدم لنا معلومات عن المستوى الذى يظهره الطلاب بشأن استيعاب المفاهيم وإتقانها. ثم هناك أيضا الممارسة المؤسفة والمتكررة التي تضع العربة قبل الحصان والتي تعتبر أن الحصول على التكنولوجيا وإدخالها في الفصول الدراسية له الأسبقية على تحسين تصميم العملية التعليمية. في كلتا الحالتين، لكي ترتقي التكنولوجيا لمستوى التوقعات النبيلة، والتي قد تكون في بعض الأحيان بلا أساس، فإنه من واجبنا أن نتفحص بصورة أكثر نقدية أسس عملية التدريس.

بالنسبة للعديد من المعلمين فإن «SAMR» [موديل يهدف لمساعدة المعلمين على إدماج التكنولوجيا في عملية التدريس والتعلم – أسرة التحرير] هو النموذج المفضل غالبا والمرتبط بعملية إدماج التكنولوجيا، فهو نموذج جذاب وغالبا متميز خاصة فيما يتعلق بما يجب تجنبه والابتعاد عنه (عملية الإحلال والاستبدال). ولنلق نظرة عن قرب على اللغة التي تركز على التكنولوجيا المستخدمة في كل فئة ونتساءل عما يخبرنا به نموذج «SAMR» بخصوص المستوى الحقيقي لتعلم الطلاب؟ هذا هو السبب في أنني أفضل «Rigor Relevance Framework» [أداة تعتمد على إطاري الدقة والملاءمة لفحص المقررات الدراسية والعملية التعليمية وكذلك التقييم من خلال ما يحققه الطلاب وعلاقته بالمعايير القياسية – أسرة التحرير] كوسيلة لضمان فعالية عملية إدماج التكنولوجيا. وهو أداة توفر لغة مشتركة، وتشكل المنظار الذي من خلاله تتم عملية فحص جميع جوانب ثقافة التعلم (المناهج الدراسية، والتعليم، والتقييم)، ويساعد على خلق ثقافة حول رؤية مشتركة.

هل إدماج التكنولوجيا يسمح للطلاب بعمل الآتي:

● إجراء اتصالات عبر مختلف التخصصات والمجالات؟

● حل المشاكل التي يمكن التنبؤ بها في العالم الحقيقي؟

● حل المشاكل التي لا يمكن التنبؤ بها في العالم الحقيقي؟

والجانب الآخر من هذا الإطار هو الأهم. هل يعمل الطلاب ويفكرون أم يقومون بكليهما؟ إن الإدماج الناجح للتكنولوجيا يعتمد كليا على مستوى ما يطلب من طلابنا فعله. هذا هو السبب في أنني أقول دائما إن التربية تسبق التكنولوجيا في الأولوية. وينبغي دوما الانتباه إلى التقييم البنيوي والتجميعي الذي نستخدمه أو نراه من منظور دورنا الخاص. هل يظهر الطلبة مستويات عالية من الإدراك؟ كيف يمكن معرفة ما إذا كان الطلاب قد تعلموا أم لا عند إدماج التكنولوجيا؟ كيف تبدو حلقة البيانات المرتجعة من هذا الإدماج؟ هذه الأسئلة من الأهمية بمكان طرحها من قبل المدرسين والمسئولين لتحديد مستوى الفعالية. لنتحقق من هذا المثال لنرى كيف تجتمع هذه العناصر (الدقة، والملاءمة، والتكنولوجيا، والتقييم) معا لخلق تجربة تعلم فعالة.

وينبغي أن يكون الهدف العام من إدماج التكنولوجيا هو توفير فرص العمل والتفكير للطلاب.  استخدام التكنولوجيا بالشكل الأنسب يمثل إحدى الإستراتيجيات الرئيسة الأخرى لتحقيق الإدماج الناجح. إن التكنولوجيا لن تحسن كل درس أو مشروع بل التركيز على أسس التدريس والتربية أولا والتكنولوجيا ثانيا، إذا لزم الأمر، هو ما يساعد على ضمان النجاح. ویمکن استخدام العدید من جوانب «Rigor Relevance Framework» للتوجیه إلى تطویر أسئلة أفضل کجزء من التربیة الجیدة. وأهم جوانب التربية هي التقييم والبيانات المرتجعة بعد إتمام العملية، وإذا كانت التكنولوجيا (والابتكار بشكل عام) سيكون لها تأثير إيجابي على التعلم؛ فلنضمن تحسين هذه المجالات أولا. إن المضي قدما دائما ما يوفر لنا رؤية نقدية عن كيفية استخدام التكنولوجيا لإضافة شيء جديد للعملية التعليمية وتطوير المعايير.

——————–

إريك شنينغر، أحد المحاضرين في “مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم ٢٠١٧” – وايز ٢٠١٧